◊◊◊ قصيدة: يا أخي كم يكون هذا الجفاء
قال ابن داود الظاهري(1):
يا أخي كم يكون هذا الجفاء
كم تشفى بهجرك الأعداء
صار ذا الهجر لي غذاءً ولكن
ربما أتلف السقيم الغذاء
سيدي أنت أين ذاك الصفاء
أين ذاك الهوى وذاك الوفاء
أنت ذاك الأخ القديم ولكن
ليس هذا الإخاء ذاك الإخاء
لي ذنوب ولست أنكر فاغفر
فالتجني على المقر اعتداء
لي حقوق أيضًا عليك ولكن
ذكر مثلي لمثل هذا جفاء.
◊◊◊ قصيدة: لله درك من أخ
قال لسان الدين بن الخطيب:
لله دَرَّكَ مِنْ أَخٍ
جَمِّ الْفَوَاضِلِ وَالْفَضَائِلْ
رَعْيُ الرَّسَائِلِ شَأْنُهُ
فِي الْبُعْدِ أَوْ رَعْيُ الوَسَائِلْ
مَا شِئْتَ مِنْ خُلُقٍ وَمِنْ
خَلْقٍ وَمِنْ بَأْسٍ وَنَائِلْ
شِيَمٌ إذَا مَا شِمْتَ بَا
رِقُ عَهْدِهَا بالْعِهْدِ سَائِلْ
وَشَمَائِلٌ مِثْلُ الشَّمَا
لِ سَرَتْ بأَنْفَاسِ الْخَمَائِلْ
إمَّا جَنَحْتَ لِوُدِّهِ الضَّا
حِي فَدَوْحُ الْعَهْدِ مَائِل
صَافٍ إذَا كَدِرَ الصَّفِيُّ
وَافٍ إذَا بَخِسَ الْمُكَائِلْ
وَجَلاَ صَدَى هَمِّي وَأَدْ
هَمَهُ بَشَأْوِ النَّفْسِ جَائِلْ
وَأَفَادَنِي زَمَنِي بِهِ
فَحلَوْتُ مِنْ زَمَنِي بِطَائِلْ.
◊◊◊ قصيدة: ذكرت أخي بعد نوم الخلي
قالت الخنساء:
ذَكَرتُ أَخي بَعدَ نَومِ الخَلِيِّ
فَاِنحَدَرَ الدَمعُ مِنّي اِنحِدارا
وَخَيلٍ لَبِستَ لِأَبطالِها
شَليلاً وَدَمَّرتَ قَومًا دَمارا
تَصَيَّدُ بِالرُمحِ رَيعانَها
وَتَهتَصِرُ الكَبشَ مِنها اِهتِصارا
فَأَلحَمتَها القَومَ تَحتَ الوَغى
وَأَرسَلتَ مُهرَكَ فيها فَغارا
يَقينَ وَتَحسَبُهُ قافِلاً
إِذا طابَقَت وَغَشينَ الحِرارا
فَذَلِكَ في الجَدِّ مَكروهُهُ
وَفي السِلمِ تَلهو وَتُرخي الإِزارا
وَهاجِرَةٍ حَرُّها صاخِدٌ
جَعَلتَ رِداءَكَ فيها خِمارا
لِتُدرِكَ شَأواً عَلى قُربِهِ
وَتَكسَبَ حَمدًا وَتَحمي الذِمارا
وَتُروي السِنانَ وَتُردي الكَمِيِّ
كَمِرجَلِ طَبّاخَةٍ حينَ فارا
وَتُغشي الخُيولَ حِياضَ النَجيعِ
وَتُعطي الجَزيلَ وَتُردي العِشارا
كَأَنَّ القُتودَ إِذا شَدَّها
عَلى ذي وُسومٍ تُباري صِوارا
تَمَكَّنَ في دِفءِ أَرطاتِهِ
أَهاجَ العَشِيُّ عَلَيهِ فَثارا
فَدارَ فَلَمّا رَأى سِربَها
أَحَسَّ قَنيصًا قَريبًا فَطارا
يُشَقَّقُ سِربالَهُ هاجِرًا
مِنَ الشَدِّ لَمّا أَجَدَّ الفِرارا
فَباتَ يُقَنِّصُ أَبطالَها
وَيَنعَصِرُ الماءُ مِنهُ اِنعِصارا.
◊◊◊ قصيدة: وكل أخ يقول أنا وفي
قال حسان بن ثابت -رضي الله عنه:
وَكُلُّ أَخٍ يَقولُ أَنا وَفِيٌّ
وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ
سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ
فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ.
◊◊◊ قصيدة: كم من أخ لي كنت أجعل عنده
قال كشاجم:
كم من أخٍ لي كنتُ أجْعَلُ عِنْدَهُ
سِرِّي وآمنُه على أخْبَارِي
أخْفَيْتُ حبَّكِ دونَه وسَتَرْتُهُ
حَذَرًا عليه من الحدِيْثِ الجاري
إني متى أُخْبِرْ بِحُبِّكَ إِخْوَتي
حَسَدُوا عَلَيْكِ فَضَيّعُوا أسْرَاري.
◊◊◊ قصيدة: أخي والله خير من أخيكم
قال قيس بن زهير:
أَخي وَاللَهِ خَيرٌ مِن أَخيكُم
إِذا ما لَم يَجِد بَطَلُ مُقاما
أَخي وَاللَهِ خَيرٌ مِن أَخيكُم
إِذا ما لَم يَجِد راعٍ مَساما
أَخي وَاللَهِ خَيرٌ مِن أَخيكُم
إِذا الخَفراتِ أَبدَينَ الخِداما
قَتَلتُ بِهِ أَخاكَ وَخَيرَ سَعدٍ
فَإِن حَربًا حُذيفَ وَإِن سَلاما
تَرُدُّ الحَربَ ثعلَبَةُ بنُ سَعدٍ
بِحَمدِ اللَهِ يَرعونَ البِهاما
وتغني مُرّةَ الأثرين عنا
عروجُ الشاءِ تتركُه قياما
وَكَيفَ تَقولُ صَبرُ بَني حَجانٍ
إِذا غَرِضوا وَلَم يَجِدوا مُقاما
وَلَولا آلُ مرة قَد رَأَيتُم
نَواصِيَهُنَّ يَنضونَ القَتاما.
◊◊◊ قصيدة: أخ لي بظهر الغيب أرعى وداده
قال عبد الغني النابلسي:
أخ لي بظهر الغيب أرعى ودادَهُ
ويرعى ودادي يا رعى الله من يرعى
أهيم به في الحب وهو يهيم بي
فيا خيبة الواشى إذا رام أن يسعى.
◊◊◊ قصيدة: أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع
قال فهد العسكر:
أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع
بهم تنوء الراسيات بحمله
فعطفاً على فرد شقي بعيشه
فليس شقيا في الحياد كمثله
عهدتك ندبًا كاملاً ذا مكارمٍ
فتى أريحي الكف يزهو بخلقه
فديتك اسعفني بعطفك إنني
أغار علي البؤس وحدي بجيشه
فديتك فاطلق اسر فهد فإنه
مقر بفضل منك يعنو بأسره
تريث إلى أن يأتي الفرج الذي
به دينكم تشتاق نفسي لدفعه.
◊◊◊ قصيدة: أخي الى الموت سلك
قال جميل صدقي الزهاوي:
أخي إلى الموت سلك
أخي قضى أخي هلك
دار عليه برحا
ه طاحنا له الفلك
أخي عن النور تولى
راحلا الى الحلك
ليس طريقا للرجو
ع ماله أخي سلك
ما دلكت شمس النها
ر إنما أخي دلك
أخي أخي إني أنا
ديك ولا جواب لك
أخي أخي ماذا من
الأسباب عني شغلك
ليت آله الطب وا
فاك فداوى شللك
قد زرت قبرك الذي
ترابه قد شملك
من ذا بهذا الحديث الضنك
أخي قد جعلك
من ذا عن الحراك في
هذا الحفير كبّلك
درست يا قبر وقد
زرتك أبكي طللك
لم يبق غير الحزن لي
أما دموعي فهي لك
كيف وجدت يا أخي
في جوف قبر منزلك
وعندما دخلت
منه الباب من ذا استقبلك
من ذا نضا عنك الثيا
ب البيض من ذا دللك
من ذا من الأموات حيا
ك ومن ذا قبلك
والخير أن تجهل في
ملحودة مستقبلك
لا تخشين من أبد
سوف يلاقي أزلك
ما لي أراك ذا صمو
ت غير مبد جذلك
آخرك المثير للحزن
ينافي أولك
أبكي عليك كلما
لي الخيال مثّلك.
◊◊◊ قصيدة: أخي أنت
قال علي كرامتي(2):
أخي أنت
وأنت أخي
معا نبني الحياة و نَسْمِل الظّلم
ونركب صهوة الآمال من حام إلى سام
ونزرع شمسنا تعويذة للحبّ في جيد السّلام
نعمّر أرضنا بيتا فبيتا
ونلعق حزن أمّتنا الكسيرة
معا في الحبّ في الأفراح في الأشلاء في الموتى
معا ومعا نظلّ على الدّوام على وئام
ونمشي في حقول القمح والسّكر
على حدّ اللّظى نمشي على ضحكات خنجر
وفي أنحاء ملحمة وضلع قصيدة وبكاء دفتر
وفي أنغام أغنية
وفوق عمود شعر نستريح من الرّحيل
أخي أنت
أخي في النّار في الأنوار في البؤس
فماذا لو كظمنا الغيظ سُمْنَا الأرض حبّا
هدمنا منزل الأقنان والرّقّ
شطبنا من معاجمنا عبارات التّذلّل والتّظّلم والعبوديّة
وأفرغنا قناني الجور و اللّهب
وفجّرنا سدود السّلم و البرق
وماذا لو بقيت أخي، أخي أنت
أتمسك شمسنا عن دقّ بوّابات عالمنا
أيوصد دوننا البحر
ترانيم المياه و ضحكة الآتي
فماذا لو تناستني البحار
وماذا لو تهجّرني المجاعة
وتلفظني الحضارة
وماذا لو ذَوَى النّوّار وانتحر النّهار
وماذا لو تهاوى الدّمع من عيني مرارة
وماذا لو جفّ ينبوع الهوى ما بين عشتار و بيني
ولو وخز العمى عيني
وماذا لو فقدْتُ الثّوب والبيت
وضيّعتُ الرّغيف وبعتُ نعلي
وماذا لو تعفّنت الدُّنَا حولي
وصار الغيم موتا
كفاني أن تظلّ أخي
أخي أنت.
◊◊◊ قصيدة: أخي فداك الروح يا حبيبي
قال مطلق عبد الخالق:
أخي فداك الروح يا حبيبي
ويافعًا كالفنن الرطيب
ذكراك في الشروق والغروب
لا تمحى من قلبيَ العجيب
يا عبقري الألم المذاب
في ذكريات البرح والعذاب
لو كنت تدري يا حبيبي ما بي
بي لهفة الحبيب للحبيب
أخي مثال الطهر والنقاء
وقاهر الطبيعة الخرساء
وفانيًا في اللَه والسماء
وزاهدًا في العالم الرحيب
أخي حبيب الروح والفؤاد
واديك في الحياة غير وادي
وميسم التقوى عليك بادي
وقسمات الناسك الغريب
يا كوثر الشؤون والشجون
وسلسبيل السحر والفتون
تاللَه لو تعلم ما حنيني
والقلب في الخفوق والوجيب
يا زائري في عالم الأحلام
وحاجبي في السقم والآلام
ومصدر الشعور والالهام
وساعدي في يومي العصيب
يا سامي الخلال والخصال
أخوك في دنياه كالخيال
يذوب في السقام والهزال
كما تذوب الشمس في المغيب.
◊◊◊ قصيدة: أخي المحبوب ينبوعُ الحنان
قال خالد مصباح مظلوم:
أخي المحبوب ينبوع الحنانِ
أجاب مطالبي وَفق الأماني
وأعطاني الثلاث من الأواني
وقال خذِ المزيد بلا توانِ
ولم أطمع أخذتُ بما كفاني
وفاض الشكرُ مني وامتناني
دعوت له بخيراتٍ كباراً
عسى ربي يثيبه بالجنانِ
وعدته أن أُعيد له الأواني
متى فرغتْ ولستُ بكيذُبانِ
وإحداها قدِ انكسرت ولكن
لديّ بديلها كالأرجوانِ
سأرجعها إليه العصر هذا
وإلا في المساءِ مع الأذانِ
بشوش الوجه ذو قلبٍ طهورٍ
كمثل الطفل في عمرِ الثماني
وقعتُ بحبه الأخويِّ حتى
رجوت الله يمنحنا التداني
لقد شاهدته رجلاً بسيطاً
ويدخل في الضميرِ وفي الجَنانِ
دعوت الله يحفظه وأهلٍ
بأحسنِ حالةٍ طول الزمانِ.
◊◊◊ قصيدة: وأخ ذي ثقة آخيته
قال بشار بن برد (3):
وَأَخٍ ذي ثِقَةٍ آخَيتُهُ
ماجِدِ الأَعراقِ مَأمونِ الأَدَب
أَمحَضَ اللَهُ لَهُ أَخلاقَهُ
فَهيَ كَالإِبريزِ مِن سِرِّ الذَهَب
عَزَّني المَعروفُ حَتّى عَلِقَت
كُلُّ كَفٍّ لِيَ مِنهُ بِسَبَب
فَهوَ يُعطيني وَأُعطى فَضلَهُ
سَبَلَ الغَيثِ تَدَلّى فَسَكَب
فَإِذا أَبصَرَ وَجهي مُقبِلاً
ضَحِكَت عَيناهُ مِن غَيرِ عَجَب
وَإِذا كَلَّمتُهُ واحِدَةً
هَيَّجَت مِنهُ عُلالاتِ الطَرَب
وَإِذا ما غِبتُ عَنهُ ساعَةً
أَنَّ لِلغَيبَةِ مِن غَيرِ وَصَب
فَهوَ لي وَالحَمدُ لِلَّهِ غِنىً
وَعَفافٌ مِن دَنِيِّ المُكتَسَب
مِن تِجاراتٍ أَشابَت مَفرِقي
وَكَسَتني ثَوبَ ذُلٍّ وَنَصَب
وَمُلوكٍ إِن تَعَرَّضتُ لَهُم
عَرَّضوا ديني وَشيكًا لِلعَطَب.
اقرأ أيضًا:
المراجع:
(1) الديوان، يا أخي كم يكون هذا الجفاء، تم الاطلاع عليه بتاريخ 8/1/2022.
(2) بوابة الشعراء، أخي أنت، تم الاطلاع عليه بتاريخ 8/1/2022.
(3) عالم الأدب، وأخ ذي ثقة آخيته، تم الاطلاع عليه بتاريخ 8/1/2022.