◊◊◊ قصيدة: أمن بعد تكفين النبي ودفنه
قال علي بن أبي طالب_رضي الله عنه(1):
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ
نَعيشُ بِآلاءٍ وَنَجنَحُ لِلسَلوى
رُزِئنا رَسولَ اللَهِ حَقّاً فَلَن نَرى
بِذاكَ عَديلاً ما حَيينا مِنَ الرَدى
وُكُنتَ لَنا كَالحُصنِ مِن دونِ أَهلِهِ
لَهُ مَعقَلٌ حِرزٌ حَريزٌ مِن العِدى
وَكُنا بِهِ شُمُّ الأُنوفِ بِنَحوِهِ
عَلى مَوضِعٍ لا يُستطاعُ وَلا يُرى
وَكُنّا بِمَرآكُم نَرى النورَ وَالهُدى
صَباحَ مَساءَ راحَ فينا أَو اِغتَدى
لَقَد غَشِيَتنا ظُلمَةٌ بِعدَ فَقدِكُم
نَهاراً وَقَد زادَت عَلى ظُلمَةِ الدُجى
فَيا خَيرَ مَن ضَمَّ الجَوانِحَ وَالحَشا
وَيا خَيرَ مَيتٍ ضَمّهُ التُربُ وَالثَرى
كَأَنَّ أُمورَ الناسِ بَعدَكَ ضُمِّنَت
سَفينَةُ مَوجٍ حينَ في البَحرِ قَد سَما
وَضاقَ فَضاءُ الأَرضِ عَنّا بِرَحبِهِ
لَفَقدِ رَسولِ اللَهِ إِذ قيلَ قَد مَضى
فَقَد نَزَلَت بِالمُسلِمينَ مُصيبَةٌ
كَصَدعِ الصَفا لا صَدعٍ لِلشَعبِ في الصَفا
فَلَن يَستَقِلَّ الناسُ ما حَلَّ فيهُمُ
وَلَن يُجبِرَ العَظمُ الَّذي مِنهُمُ وَهَى
وَفي كُلِّ وَقتٍ لِلصَلاةِ يَهيجُها
بِلالٌ وَيَدعو بِاِسمِهِ كُلَّما دَعا
وَيَطلُبُ أَقوامٌ مَواريثَ هالِكٍ
وَفينا مَواريثُ النُبُوَّةِ وَالهُدى
فَيا حُزناً إِنّا رَأَينا نَبِيَّنا
عَلى حينِ تَمَّ الدينُ وَاِشتَدَّتِ القُوى
وَكانَ الأُلى شُبهَتَهُ سَفرُ لَيلَةٍ
أَضَلُّ الهُدى لا نَجمَ فيها وَلا ضَوى.
◊◊◊ قصيدة: وما طلب المعيشة بالتمني
وَما طَلَبُ المَعيشَةِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن أَلقِ دَلوَكَ في الدَلاءِ
تَجِئكَ بِمِلئِها يَومًا وَيَومًا
تَجِئكَ بِحَمأَةٍ وَقَليلِ ماءِ
وَلا تَقعُد عَلى كُلِّ التَمَنّي
تَحيلُ عَلى المَقدَّرِ وَالقَضاءِ
فَإِنَّ مَقادِرَ الرَحمَنِ تَجري
بَأَرزاقِ الرِجالِ مِنَ السَماءِ
مَقدَّرَةً بِقَبضٍ أَو بِبَسطٍ
وَعَجزُ المَرءِ أَسبابُ البَلاءِ
لَنِعمَ اليَومُ يَومُ السَبتِ حَقًّا
لِصَيدٍ إِن أَرَدتَ بَلا اِمتِراءِ
وَفي الأَحَدِ البِناءِ لِأَنَّ فيهِ
تَبَدّى اللَهُ في خَلقِ السَماءِ
وَفي الإِثنَينِ إِن سافَرتَ فيهِ
سَتَظفَرُ بِالنَجاحِ وَِبالثَراءِ
وَمِن يُردِ الحِجامَةَ فَالثُلاثا
فَفي ساعَتِهِ سَفكُ الدِماءِ
وَإِن شَرِبَ اِمرِؤٌ يَومًا دَواءً
فَنِعمَ اليَومَ يَومَ الأَربِعاءِ
وَفي يَومِ الخَميسِ قَضاءُ حاجٍ
فَفيهِ اللَهُ يَأذَنُ بِالدُعاءِ
وَفي الجُمُعاتِ تَزويجٌ وَعُرسٌ
وَلذَّاتُ الرِجالِ مَعَ النِساءِ
وَهَذا العِلمُ لا يَعلَمهُ إِلّا
نَبِيٌّ أَو وَصِيُّ الأَنبِياءِ
فَكَيفَ بِهِ أَنّي أُداوي جِراحَهُ
فَيَدوى فَلا مُلَّ الدَواءُ.
◊◊◊ قصيدة: أبا لهب تبت يداك أبا لهب
أَبا لَهَبٍ تَبَّت يَداكَ أَبا لَهَب
وَتَبَّت يَداها تِلكَ حَمّالَةَ الحَطَب
خَذَلتَ نَبيًّا خَيرَ مَن وَطِئَ الحَصى
فَكُنتَ كَمَن باعَ السَلامَةَ بِالعَطَب
وَخِفتَ أَبا جَهلٍ فَأَصبَحتَ تابِعًا
لَهُ وَكَذاكَ الرَأسُ يتبَعُهُ الذَنَب
فَأَصبَحَ ذاكَ الأَمرُ عارًا يُهيلُهُ
عَلَيكَ حَجيجُ البَيتِ في مَوسِمِ العَرَب
وَلَو كانَ مِن بَعضِ الأَعادي مُحَمَّدٌ
لَحامَيتُ عَنهُ بِالرِماحِ وَبِالقَضَب
وَلَم يَسلِموهُ أَو يُضَرَّعَ حَولَهُ
رِجالُ بِلاءٍ بِالحُروبِ ذَوو حَسَب.
◊◊◊ قصيدة: وأفضل قسم الله للمرء عقله
وَأَفضَلُ قَسمِ اللَهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ
فَلَيسَ مِن الخَيراتِ شِيءٌ يُقارِبُه
إِذا أَكمَلَ الرَحمَنُ لِلمَرءِ عَقلَهُ
فَقَد كُمُلَت أَخلاقُهُ وَمآرِبُه
يَعيشُ الفَتى في الناسِ بِالعَقلِ إِنَّهُ
عَلى العَقلِ يِجري عَلمُهُ وَتَجارِبُه
يَزينُ الفَتى في الناسِ صِحَّةُ عَقلِهِ
وَإِن كانَ مَحظورًا عَلَيهِ مَكاسِبُه
يَشينُ الفَتى في الناسِ قِلَّةُ عَقلِهِ
وَإِن كَرُمَت أَعراقُهُ وَمَناسِبُه
وَمَن كانَ غَلّابًا بِعَقلٍ وَنَجدَةٍ
فَذو الجَدِّ في أَمرِ المَعيشَةِ غالِبُه.
◊◊◊ قصيدة: فلم أر كالدنيا بها اغتر أهلها
فَلَم أَرَ كَالدُنيا بِها اِغتَرَّ أَهلُها
وَلا كَاليَقينِ اِستَأنَسَ الدَهرَ صاحِبُه
أَمُرُّ عَلى رَمسِ القَريبِ كَأَنَّما
أَمُرُّ عَلى رَمسِ اِمرِئٍ ماتَ صاحِبُه
فَوَاللَهِ لَولا أَنَّني كُلَّ ساعَةٍ
إِذا شِئتَ لاقَيتَ أَمرَأً ماتَ صاحِبُه
إِذا ما اِعتَرَيتَ الدَهرَ عَنهُ بِحيلَةٍ
تُجَدِّدُ حُزنًا كُلَّ يَومٍ نَوادِبُهُ.
◊◊◊ قصيدة: الأزد سيفي على الأعداء كلهم
الأَزدُ سِيَفي عَلى الأَعداءِ كُلِّهِمُ
وَسيفُ أَحمَدَ مَن دانَت لَهُ العَرَبُ
قَومٌ إِذا فاجَأوا أَبلوا وَإِن غُلِبوا
لا يُحجِمونَ وَلا يَدرونَ ما الهَرَبُ
قَومٌ لُبوسُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
بيضٌ رِقاقٌ وَداودِيَةٌ سُلُبُ
البيضُ فَوقَ رُؤوسٍ تَحتَها اليَلَبُ
وَفي الأَنامِلِ سُمرُ الخَطِّ وَالقَضَبُ
البيضُ تَضحَكُ وَالآجالُ تَنتَحِبُ
وَالسُمرُ تَرعِفُ وَالأَرواحُ تُنتَهَبُ
وَأَيُّ يَومٍ مِنَ الأَيّامِ لَيسَ لَهُم
فيهِ مِنَ الفِعلِ ما مِن دُونِهِ العَجَبُ
الأَزدُ أَزيَدُ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
فَضلاً وَأَعلاهُمُ قَدرًا إِذا رَكِبوا
يا مَعشَرَ الأَزدِ أَنتُم مَعشَرٌ أُنُفٌ
لا يَضعُفونَ إِذا ما اِشتَدَّتِ الحُقُبُ
وَفَيتُمُ وَوَفاءُ العَهدِ شيمَتَكُم
وَلَم يُخالِط قَديماً صِدقَكُم كَذِبُ
إِذا غَضِبتُم يَهابُ الخَلقُ سَطوَتَكُم
وَقَد يَهونُ عَلَيكُم مِنهُمُ الغَضَبُ
يا مَعشَرَ الأَزذِ إِنّي مِن جَميعِكُمُ
راضٍ وَأَنتُم رُؤوسُ الأَمرَ لا الذَنَبُ
لَن يَيئَسِ الأَزذُ مِن روحٍ وَمَغفِرَةٍ
وَاللَهُ يَكلَؤُهُم مِن حَيثُ ما ذَهَبوا
طِبتُم حَديثاً كَما قَد طابَ أَوَّلُكُم
وَالشَوكُ لا يُجتَنى مِن فَرعِهِ العِنَبُ
وَالأَزدُ جُرثومَةٌ إِن سُوبِقوا سَبَقوا
أَو فُوخِروا فَخَروا أَو غُولِبوا غَلَبوا
أَو كُوثِروا كَثُروا أَو صُوبِروا صَبروا
أَو سوهِموا سَهَموا أَو سُولِبوا سَلَبوا
صَفَوا فَأَصفاهُم الباري وِلايَتَهُ
فَلَم يَشِب صَفوَهُم لَهوٌ وَلا لَعِبُ
مِن حُسنِ أَخلاقِهِم طابَت مَجالِسُهُم
لا الجَهلُ يَهروهُم فيها وَلا الصَخَبُ
الغَيتَ ما رَوِّضوا مِن دونِ نائِلِهِم
وَالأُسدُ تَرهَبُهُم يَوماً إِذا غَضِبوا
أَندى الأَنامِ أَكُفّاً حينَ تَسأَلُهُم
وَأَربَطُ الناسِ جَأشاً إِن هُمُ نُدِبوا
وَأَيُّ جَمعٍ كَثيرٍ لا تُفَرِّقُهُ
إِذا تَدانَت لَهُم غَسّانُ وَالنُدبُ
فَاللَهُ يَجزيهِم عَمّا أَتَوا وَحَبَوا
بِهِ الرَسولَ وَما مِن صالِحٍ كَسَبوا.(2)
◊◊◊ قصيدة: أَلَـلّٰهُ حي قديم قادر صمد
أَلَـلّٰهُ حَيٌّ قَديمٌ قادِرٌ صَمَدُ
فَلَيسَ يَشركهُ في مُلكِهِ أَحَدُ
هُوَ الَّذي عَرَّفَ الكُفّارَ مَنزِلَهُم
وَالمُؤمِنونَ سيَجزيهِم بِما وُعِدوا
فَإِن تَكُن دِولَةً كاَنَت لَنا عِظَةٌ
فَهَل عَسى أَن يَرى فيها غَيرَ رَشَدُ
وَيَنصُرِ اللَهُ مَن والاهُ إِنَّ لَهُ
نَصراً يُمَثِّلُ بِالكُفّارِ إِن عَتَدوا
فَإِن نَطَقتُم بِفَخرٍ لا أَبالَكُمُ
فيمَن تَضَمَّنَ مِن إِخوانِنا اللَحَدُ
فَإِنَّ طَلحَةَ غَادَرناهُ مُنجَدِلاً
وَلِلصَفائِحِ نارٌ بَينَنا تَقِدُ
وَالمَرءُ عُثمانُ أَردَتهُ أَسِنَّتُنا
فَجَيبُ زَوجَتِهِ إِذ أُخبِرَت قَدَدُ
في تِسعَةٍ وَلِواءٌ بَينَ أَظهُرِهِم
لَم يَنكُلوا عَن حِياضِ المَوتِ إِذ وَرَدوا
كانوا الذَوائِبَ مِن فَهرٍ وَأَكَرَمَها
حيثُ الأُنوفُ وَحَيثُ الفَرعُ وَالعَدَدُ
وَأَحمَدُ الخَيرِ قَد أَردى عَلى عَجَلٍ
تَحتَ العَجاجِ أَبِيّاً وَهوَ مُجتَهِدُ
فَظَلَّتِ الطَيرُ وَالضِبعانُ تَركَبُهُ
فَحامِلُ قِطعَةٍ مِنهُ وَمُقتَعِدُ
وَمَن قَتَلتُم عَلى ما كانَ مِن عَجَبٍ
مِنّا فَقَد صادَفوا خَيراً وَقَد سَعِدوا
لَهُم جِنانٌ مِن الفِردوسِ طَيِّبَةٌ
لا يَعتَريهِم بِها حَرٌّ وَلا صَرَدُ
صَلّى الإِلَهُ عَلَيهِم كُلَّما ذُكِروا
فَرُبَّ مَشهَدِ صِدقٍ قَبلَهُ شَهِدوا
قَومٌ وَفَوا عَهدَ الرَسولِ وَاِحتَسَبوا
شَمَّ العَرانينَ مِنهُم حَمزَةَ الأَسَدُ
وَمُصعَبٌ كانَ لَيثاً دونَهُ حَرَداً
حَتّى تَزَمَّلَ مِنهُ ثَعلَبٌ جَسَدُ
لَيسوا كَقَتلى مِنَ الكُفّارِ أَدخَلَهُم
نارَ الجَحيمِ عَلى أَبوابِها الرُصُدُ.
◊◊◊ قصيدة: أرقت لنوح آخر الليل غردا
أَرِقتُ لَنوحٍ آخِرَ اللَيلِ غَرَّدا
لِشَيخِيَ يَنعي وَالرَئيسُ المُسَوَّدا
أَبا طالِبٍ مَأوى الصَعاليكَ ذا النَدى
وَذا الحُلُمِ لا خَلقاً وَلم يَكُ قَعدَدا
أَخا المُلكِ خَلِّ ثَلمَةً سَيَسُدُّها
بَنو هاشِمٍ أَو يُستَباحُ فَيَهمَدا
فَأَمسَت قُرَيشٌ يَفرَحونَ لِفَقدِهِ
وَلَستُ أَرى حُبّاً لِشَيءٍ مُخَلَّدا
أَرادَت أَمورًا زَيَّنَتها حُلومُهُم
سَتورِدُهُم يَومًا مِنَ الغَيِّ مَورِدا
يَرجونَ تَكذيبَ النَبِيِّ وَقَتلِهِ
وَإِن يَفتَروا بُهتاً عَلَيهِ وَمُجحَدا
كَذَبتُم وَبيتِ الله حَتّى نُذيقَكُم
صُدورَ العَوالي وَالصَفيحَ المُهَنَّدا
وَيَظهَرُ مِنّا مَنظَرٌ ذو كَريهَةٍ
إِذا ما تَسَربَلنا الحَديدَ المُسرَّدا
فَإِمّا تُبيدونا وَإِمّا نُبيدُكُم
وَإِمّا تَرَوا سِلمَ العَشيرَةِ أَرشَدا
وَإِلّا فَإِنَّ الحَيَّ دونَ مُحَمَّدٍ
بَنو هاشِمٍ خَيرَ البَرِيَةِ مُحتِدا
وَأَنَّ لَهُ فيكُم مِنَ اللَهِ ناصِرًا
وَلَيسَ نَبِيٌّ صاحِبَ اللَهِ أَوحَدا
نَبِيٌّ أَتى مِن كُلِّ وَحيٍ بِخُطبَةٍ
فَسَمّاهُ رَبّي في الكِتابِ مُحَمَّدا
أَغَرُّ كَضوءِ البَدرِ صُورَةَ وَجهِهِ
جَلا الغَيمُ عَنهُ ضوءَهُ فَتَوَقَّدا
أَمينٌ عَلى ما اِستَودَعَ اللَهُ قَلبَهُ
وَإِن قالَ قَولاً كانَ فيهِ مُسَدَّدًا.
◊◊◊ قصيدة: أتاني أن هندا أخت صخر
أَتاني أَنَّ هِندَاً أُختَ صَخرٍ
دَعَت دَركًا وَبَشَّرَتِ الهُنودا
فَإِن تَفخَر بِحَمزَةَ حينَ وَلّى
مَعَ الشُهَداءِ مُحتَسِبًا شَهيدًا
فَإِنَّا قَد قَتَلنا يَومَ بَدرٍ
أَبا جَهلٍ وَعُتبَةَ وَالوَليدا
وَقَتَّلنا سُراةَ الناسِ طُرًّا
وَغُنِّمنا الوَلائِدَ وَالعَبيدا
وَشَيبَةَ قَد قَتَلنا يَومَ ذاكُم
عَلى أَثَوابِهِ عَلَقاً جَسيدا
فَبُوِّأَ مِن جَهَنَّمَ شَرَّ دارٍ
عَلَيها لَم يَجِد عَنها مُحيدا
وَما سِيّانِ مَن هُوَ في جَحيمٍ
يَكونُ شَرابُهُ فيها صَديدا
وَمَن هُوَ في الجِنانِ يَدَرُّ فيها
عَلَيهِ الرِزقَ مُغتَبِطًا حَميدا.
◊◊◊ قصيدة: رأتك الليالي يا ابن آدم ظالما
رَأَتكَ اللَيالي يا اِبنَ آدَمَ ظالِمًا
وَخيرُ الوَرى مَن يَعفُ عِندَ اِقتِدارِهِ
يَقولُ لَكَ العَقلُ الَّذي زَيَّنَ الوَرى
إِذا لَم تَكُن تَقْدِر عَدوَّكَ دارِهِ
وَلاقيهِ بِالتَرحيبِ وِالرَحرِ وَالقِرى
وَيَمّم لَهُ ما دُمتَ تَحتَ اِقتِدارِهِ
وَقبِّل يَدَ الجاني الَّذي لَستَ قادِرًا
عَلى قَطعِها وَارقُب سُقوطَ جِدارِهِ
إِذا لَم تَكُن في مَنزِلَ المَرءِ حُرَّةٌ
تَدبِّرُه ضاعَت مَصالِحَ دارِهِ
فَإِن شِئتَ أَن تَختَر لِنَفسِكَ حُرَّةً
عَلَيكَ بِبَيتِ الجودِ خُذ مِن خيارِهِ
وَإيّاكَ وَالبَيتِ الدَنيءِ فَرُبَّما
تُعار بِطولٍ في الزَمانِ بِعارِهِ
فَفيهنّ من تَأتي الفَتى وَهُوَ مُعسِرٌ
فَيُصبِحُ كُلُّ الخَيرِ في وَسَطِ دارِهِ
وَفيهِنّ مَن تَأتيهِ وَهوَ مُيَسَّرٌ
فَيُصبِحُ لا يَملُكُ عَليقَ حِمارِهِ
وَفيهِنّ مَن لا بَيَّضَ اللَهُ عَرضَها
إِذا غابَ عَنها الشَخصُ طَلَّت لِجارِهِ
وَفيهِنَّ نِسوَةٌ يخربُ كَعبُها
وَفيهِنَّ مَن تُغنيهِ عِندَ اِفتقارِهِ
فَلا رَحِمَ الرَحمَنُ خائِنَةَ النِسا
وَيَحرِقُ كُلَّ الخائِناتِ بِنارِهِ.
◊◊◊ قصيدة: دع الحرص على الدنيا
دَعِ الحِرصَ عَلى الدُنيا
وَفي العَيشِ فَلا تَطمَع
وَلا تَجمع مِنَ المالِ
فَلا تَدري لِمَن تَجمَع
وَلا تَدري أَفي أَرضِ
كَ أَم في غَيرِها تُصرَع
فَإِنَّ الرِزقَ مَقسومٌ
وَسوءُ الظَنِّ لا يَنفَع
فَقيرٌ كُلُّ مَن يَطمَع
غَنيٌّ كُلُّ مَن يَقنَع.
◊◊◊ قصيدة: النفسُ تبكي على الدنيا
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنةً
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائنٍ في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيها
فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
لكل نفس وان كانت على وجلٍ
من المَنِيَّةِ آمالٌ تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضُها
والنفس تنشرها والموت يطويها
إنما المكارم أخلاقٌ مطهرةٌ
الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها
والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا أصادقها
ولست ارشدُ إلا حين اعصيها
واعمل لدار غدا رضوانُ خازنها
والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها
والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل
والخمر يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفةً
تسبحُ الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعةٍ في ظلام الليل يحييها.(3)
اقرأ أيضًا:
المراجع: